Al Masry Al Youm

الاعتماد على رؤوس الأموال الساخنة يجب أن يتوقف

⏮حان الوقت لتضييق الفارق بين سعرى الفائدة على الجنيه والعملات الرئيسية

■ بداية ما أهم الدروس المستفادة من خروج الأموال الساخنة عقب اندلاع حرب أوكرانيا؟

- ما شاهدناه خلال العام الجارى من هروب أموال صناديق الاستثمار التى كانت تستثمر فى أدوات الدين - بالأخص بعد نشوب الحرب الروسية الأوكرانية- لم يكن إلا جرس إنذار لصناع السياسة الاقتصادية ولمتخذى القرار فى البنك المركزى، بأن يغيروا فكر الاعتماد على فروق أسعار الفائدة على تلك الأدوات وأسعار الفائدة على العملات الرئيسية فى جذب هذه الأموال.

وتم الاعتماد على تدفقات تلك الأموال بشكل خاطئ فى مساندة سوق الصرف الأجنبى، ورفع سعر صرف الجنيه مقابل العملات الأخرى بعد تخفيضه إداريًا فى نوفمبر 2016، ثم فى تثبيته المفتعل عند مستوى 15.6 للدولار، لمدة تجاوزت العام، رغم العلم الكامل بأوضاع النقد الأجنبى فى البنوك المصرية، ورغم أن قيم ميزان العمليات الجارية ظلت سالبة بسبب زيادة المدفوعات عن الواردات السلعية والخدمية والتحويلات عن حصيلة الصادرات.

■ لكن «المركزى» ظل يعتمد على الأموال الساخنة رغم ذلك؟

- فعلًا ظل الاعتماد على تدفقات أموال صناديق الاستثمار رغم العلم التام بعدم استقرارها كوسيلة للتثبيت المفتعل لسعر صرف الجنيه مقابل العملات الأجنبية، وبعدما وقعت الواقعة، ولم يصمد التثبيت، واضطر «المركزى» لاتخاذ قرار تخفيض سعر الصرف مرة أخرى، وتركه يتحرك وفق آليات سوق الصرف الأجنبى، واضطرار الحكومة مع البنك لتصويب الكثير من أخطاء الماضى.

وأهم الدروس المستفادة أنه يحب التفكير فى القرارات انطلاقًا من أن أوضاع الأسواق لا تخفى على أحد، ولا يمكن إخفاؤها، فالقارئ للبيانات المنشورة عن أصول وخصوم البنوك من النقد الأجنبى من طلاب علم الاقتصاد المبتدئين، كان يمكنه أن يستنتج، من يوليو 2021، أن سعر الصرف لا بد أن يتغير، وهو ما لم يحدث. ■ ما خطورة الاستمرار فى تلك الممارسة؟ - كما قال الاقتصادى المصرى الشهير محمد العريان، فى أحد تصريحاته عن بنك الاحتياطى الفيدرالى، إنه قد - نام على عجلة القيادة- وهكذا فعلنا، لذا فالدرس الأول هو ألا نقف أمام حقائق السوق وتفاعلات العرض والطلب الفعلية، وأن نتخذ القرار فى التوقيت السليم، والدرس الثانى، يتمثل فى تدخل «المركزى» لتنظيم الاستيراد مصرفيًا بدعاوى ترشيد الاستيراد وحماية المستهلك إلى غير ذلك من ادعاءات.

ولا يخفى على أحد أن مثل هذا القرار كان محاولة لضبط الطلب على النقد الأجنبى فى البنوك، ولعل التعامل مع هذا القرار وتفسيراته اللاحقة ترك تداعيات مازالت الأسواق تعانى منها حتى الآن، ومازالت قطاعات الصناعة والزراعة والنقل وغيرها تفتقر لاحتياجاتها التشغيلية من الخارج، وما يمكن أن نستخلصه من ذلك هو ألا نقحم البنك المركزى فى قضايا لا تتفق مع مصالح الدولة الاقتصادية.

■ كيف ترى اتجاهات السياسة النقدية الأمريكية وانعكاسها علينا؟

- نعلم جميعًا، من توجهات الأسواق العالمية، أن حملة التشديد والتقييد النقدى «رفع الفائدة» التى يتبعها فى الوقت الحالى بنك الاحتياطى الفيدرالى الأمريكى، ستستمر لمواجهة التضخم الذى يعانى منه الاقتصاد الأمريكى، وأن رفع أسعار الفائدة على الدولار لمواجهة هذه الموجة التضخمية سيستمر على الأقل حتى نهاية الربع الأول من عام 2023، وأن جانبًا كبيرًا من تدفقات أموال صناديق الاستثمار الساخنة هربت بالفعل من الاقتصادات الناشئة وكثير من الاقتصادات الأخرى لتستقر فى الولايات المتحدة للاستفادة من تفاعلات أسواق النقد وأسواق المال.

وستستمر هذه الأموال فى التواجد فى السوق الأمريكية لفترة غير معلومة، لأن الدولار مستمرلفترة غير معلومة- فى القوة مقابل العملات الرئيسية الأخرى.

■ وهل هناك ضرورة لتغيير أسلوب تعاملنا مع خروج كتل أموال المستثمرين فى أوراق الدين؟

- أوصى أولًا صناع القرار الاقتصادى بأنه من غير المقبول ألا نعى الدروس المستفادة من الماضى ونستمر فى الرهان الخاسر على استخدام تدفقات النقد الأجنبى الساخنة فى مساندة سوق الصرف الأجنبى، وللإجابة عن السؤال يجب أن نحتاط من الآن للمستقبل لحركة رؤوس الأموال الساخنة ولطلبات المستثمرين الأجانب لتحويل أرباحهم أو حصصهم القانونية فى عقود الاستثمار للخارج بإعادة تكوين صندوق أو إنشاء حساب خاص داخل البنك المركزى تكون موارده نسبة من أى تدفقات من النقد الأجنبى تحول للبنوك المصرية من حسابات خارجية لأصحاب صناديق الاستثمار أو وكلائهم أو للمستثمرين المباشرين.

كما يجب أن تكون استخداماته الأساسية هى سداد أى طلبات خروج من أصحاب تلك الموارد للتحويل للخارج درءًا للتأثير السلبى للهروب على أصول البنوك من النقد الأجنبى، علمًا بأن هذه الآلية - آلية ضمان تحويلات المستثمرين- ألغيت عام 2018، بعد أكثر من 15 عامًا على بدء تطبيقها دون مبرر.

■ ماذا عن أسعار الفائدة وهل تخدم الحد من التضخم؟

- بعد استقرار سوق الصرف الأجنبى المصرى ومعالجة التشوهات التى نشأت عن تفاعلاته، وبعد استقرار الأوضاع الخارجية التى أضافت الضغوط على معدلات التضخم، لماذا لا نلجأ إلى تقليص الفارق بين سعر الفائدة على الجنيه وسعر الفائدة المتوسط للعملات الرئيسية الأخرى، تفاديًا لأحد عناصر ارتفاع التكلفة المؤثر على معدلات التضخم فى مصر.

ويجب أن نراجع، كحكومة وبنك مركزى، العوامل المؤثرة على مستويات التضخم فى مصر، ومنها خفض تكلفة الأعباء الإدارية التى يتحملها المستثمر والمصدر والمستورد بما يؤدى للتأثير الإيجابى على معدلات التضخم الناشئ عن التكلفة، منها تكلفة فتح الاعتمادات المستندية لدى البنوك، وتكلفة أرضيات المناطق الجمركية انتظارًا لانطباق شروط الإفراج الجمركى، والرسوم المفروضة على إجراءات الاستثمار وتأسيس الشركات، والرسوم المفروضة على المصدرين، وغير ذلك كثير.

وهذه الوصايا تحتاج لمناقشة أوسع مع صناع القرار الذين أوصيهم بالاستماع للفاعلين فى مختلف الأنشطة الاقتصادية بدلًا من الانفراد كالسابق بإصدار القرارات الصادمة التى قد تؤثر سلبًا على الأسواق، وتضيف المزيد لحالة عدم اليقين.

قال الدكتور محمود أبوالعيون، أستاذ الاقتصاد بجامعة الزقازيق ومحافظ البنك المركزى الأسبق، إن أوضاع الأسواق باتت معروفة ولا يجب الرهان على جهل الناس بها، وأن الاعتماد الخاطئ على رؤوس الأموال الساخنة يجب أن يتوقف.

وأضاف « أبوالعيون » ، فى حواره ل«المصرى اليوم»، أنه يجب إعادة آلية سداد مستحقات مستثمرى أدوات الدين عند الخروج لتفادى الصدمات، وقد حان الوقت لتضييق الفارق بين سعرى الفائدة على الجنيه وعلى العملات الرئيسية، وإلى نص الحوار:

قضا)ا ساhنة

ar-eg

2022-11-27T08:00:00.0000000Z

2022-11-27T08:00:00.0000000Z

https://almasryalyoum.pressreader.com/article/282630331661832

Al Masry Al Youm