Al Masry Al Youm

الاستنزاف بحقوق الإنسان

حقوق الإنسان هى مجموعة من المبادئ والمعايير الاجتماعية والأخلاقية، التى تعبر عن الحقوق الأساسية التى لا يجوز المساس بها، وهى مستحقة وأصيلة لكل إنسان أيًّا كان.

رامى جلال يكتب:

صدر، منذ أيام، بيان عن البرلمان الأوروبى للتعليق على أوضاع حقوق الإنسان فى مصر. وافق على البيان 326 نائبًا، واعترض عليه 46، مع امتناع 1٨6 عن التصويت، )المجموع الكامل لأعضاء البرلمان هو 705 نواب، كلهم لهم حق التصويت، باستثناء واحد، هو الرئيس(. الموافقون على البيان يمثلون 45% من كامل أعضاء البرلمان الأوروبى، وهذا يعبر عن انخفاض عدد مَن يؤيدون مثل هذه البيانات، التى تعتمد على تضخيم أخطاء، بعضها حقيقى، ومنحها أوزانًا نسبية أكبر بكثير من حقيقتها، واقتطاعها من سياقات إيجابية أخرى، لا يتم ذكرها. البيان به بعض المعلومات الخاطئة، مثل عدم معرفة أن حالة الطوارئ قد رُفعت عن مصر بالفعل منذ أكثر من عام.

الدولة المصرية تُعيد بناء نفسها، ومازال أمامنا طريق لترسيخ الحقوق المدنية والسياسية، وهى أمور لا يراها البرلمان الأوروبى وغيره من المنظمات أصلًا لأنهم لا يعرفون من حقوق الإنسان إلا الحقوق السياسية لعدد محدود من أفراد «شلة» يُخدِّمون على بعضهم البعض، وهذا يجعل مصداقية هذه الجهات عبارة عن صفر كبير.

من الطبيعى والمنطقى أن تكون لدينا مشكلات، مثل أى دولة أخرى، علينا فقط حلها بحسم وحزم، والإعلان عنها بشجاعة وشفافية. وبشكل عام، يجب ألّا نستغرق كثيرًا فى محاولات الحصول على شهادات حُسن السير والسلوك لأن بعض المنظمات الدولية مُوجَّه أو مُموَّل بشكل واضح، وهذه المنظمات لن ترضى عنك حتى تتبع ملتها السياسية، )لاحظ أن عمليات حرق تنظيم الإخوان الإرهابى للكنائس المصرية فى وضح النهار لم تصدر عنها أى بيانات(.

حقوق الإنسان هى مجموعة من المبادئ والمعايير الاجتماعية والأخلاقية، التى تعبر عن الحقوق الأساسية التى لا يجوز المساس بها، وهى مستحقة وأصيلة لكل إنسان أيًّا كان. وهذه الحقوق منها ما هو اجتماعى واقتصادى، وقد حققت مصر اختراقات جيدة فى مجالات كالصحة والخدمات العامة، ولكنها أمور لن تكون فى بؤرة ضوء الجهات الخارجية، أولًا: لأنها جهات مُغرضة لا تبحث عن حقوق الإنسان ولا حتى عن الإنسان نفسه؛ فالموضوع كله يتعلق بالضغط على الإدارة المصرية للحصول على مكاسب إقليمية. وثانيًا: لأنه يبدو أحيانًا أن دول الشرق الأوسط تريد أن تُقيم علاقة صفرية بين الحقوق الأساسية وحرية الرأى والتعبير. وهذه فكرة خاطئة يجب ألّا نروج لها دون قصد.

علينا الهدوء والتعايش مع فكرة أن تعليق الجهات الخارجية على أى شأن مصرى هو أمر يمكن حدوثه، كون مصر تمثل جزءًا أصيلًا من النظام العالمى، فهى ليست منعزلة، بشكل أو بآخر، على الطريقتين الإيرانية والصينية، فمثل هذين يمكن لأى جهة أن تُصدر ضدهم بيانات يومية دون أن يرمش لهم جفن، فهما يمثلان، مع روسيا، تكتلًا عالميًّا موازيًا له قوانينه الخاصة. وبالطبع يمكننا نحن من جهتنا أن نُصدر أى بيانات تجاه أى موضوعات غربية.

الأهم من ذلك هو أن منظمة الأمم المتحدة هى الجهة الوحيدة التى يمكنها، منطقيًّا، التوجه بحديثها إلى أى دولة على كوكب الأرض، لكن البرلمان الأوروبى ليست له أى حيثية أو سلطة للتحدث إلا مع الحكومات الأوروبية نفسها. بالمناسبة، البرلمان الأوروبى ذاته لديه مشكلة كبيرة تتمثل فى ضعف تمثيل الأقليات فى أوروبا، )عندهم مثلًا ثلاثة أعضاء فقط من السود، 3 من 705(. وهناك الكثير من المهازل الإنسانية الحقيقية، التى تُرتكب يوميًّا ضد جموع اللاجئين فى القارة العجوز، وهذا لا يبرر لنا بالطبع التعايش مع مشكلاتنا، لكنه يوضح بجلاء أن هؤلاء مجموعة من غير الموضوعيين.. علينا حل المشكلات الواضحة وضوح الشمس كى لا نعطى للآخرين سلاحًا مجانيًّا لضربنا به، مع استنزاف قوانا ودفع أثمان لا مبرر لها.

مساحة رأى

ar-eg

2022-11-27T08:00:00.0000000Z

2022-11-27T08:00:00.0000000Z

https://almasryalyoum.pressreader.com/article/283201562312200

Al Masry Al Youm