Al Masry Al Youm

توجيه «الترند» ٧ ستات

فتحية الدخاخنى fdakhakhny@gmail.com

حالة صراع نعيشها يوميًّا مع ذلك الضيف الجديد المدعو «ترند»، نبحث عنه، وننتظر إطلالته علينا، ونروج له، ونتحسب لتبعاته، وفى النهاية ننتقده، ونأسف لسيطرته علينا، ونهاجم مَن يسعى لاجتذابه، ونحن نتمنى أن يعود زمن ما قبل «الترند».

لكن كيف كانت الحالة قبل ظهور «الترند»،؟ ألم تكن هناك موضوعات نعتبرها قضايا رأى عام؟، ألم يكن بين هذه الموضوعات التى تحرك الشارع قصص قد يراها البعض سطحية وغير ضرورية تستهدف إلهاء الجمهور عن الملفات الرئيسية؟.

قبل إطلالة «الترند» وسيطرته على الأحداث اعتمادًا على قدرته على الانتشار فى وسائل التواصل الاجتماعى، كانت وسائل الإعلام التقليدية هى مَن تصنعه باعتبارها «حارس البوابة»، المسؤول عن اختيار موضوعات وقضايا معينة ومناقشتها وشرحها وإثارة الجدل حولها باعتبارها ملفات جماهيرية تثير الرأى العام، لينتقل الموضوع من صفحات الصحف الورقية إلى برامج التلفزيون ومعه يصل إلى الشارع باعتباره «أهم» الملفات على الساحة. طبعًا كان تحديد الأهمية وقتها يسير فى اتجاهين، فأحيانًا تنبع القضايا من المواطن نفسه، فتفرض نفسها على الساحة الإعلامية، وأحيانًا يفرضها الإعلام اعتمادًا على نظريات قديمة تحدثت عن قدرة الإعلام على تشكيل وتوجيه الرأى العام، قبل أن تظهر وسائل التواصل الاجتماعى وتشكك فى دقة هذه النظريات. غيّرت وسائل التواصل الاجتماعى، أو لو شئنا تسميتها «الإعلام الجديد»، قواعد اللعبة، ووضعت أدوات توجيه وتشكيل الرأى العام فى يد المواطنين، ليصبح بمقدورهم تصدير قضايا بعينها وتنحية أخرى تحت اسم «الترند»، الذى بات اليوم مرادفًا لقضايا الرأى العام أو الملفات ذات الاهتمام الجماهيرى كما كانت تسمى سابقًا. ولعل الفارق الأبرز هنا مرتبط بالقواعد والمعضلات الأخلاقية، فوسائل الإعلام التقليدية تحكمها قواعد مهنية وأخلاقية فى إدارتها وصناعتها للترند، والملفات الجماهيرية، رغم بعض التجاوزات، فى حين لم تُصِغ وسائل الإعلام الجديد، بعد ضوابطها التنظيمية، ما يضع ما تروج له أحيانًا تحت سيف الانتقادات.

لكن رغم الانتقادات وحتى التسفيه من مضمون «الترند»، وإلقاء اللوم عليه واتهامه بتسطيح العقل الجمعى، فإن السؤال الأول فى أى صالة تحرير إخبارية أو مؤسسة إعلامية يتعلق ب«الترند»، وهناك فرق عمل خاصة فى بعض المؤسسات مهمتها التنقيب عن الترند وإعادة تقديمه للجمهور، وهذا طبيعى إذا كنا نعتبره وسيلة لقياس اهتمامات الجمهور، لكن المهم أن تتم معالجته صحفيًّا ومهنيًّا، كما كان الإعلام يفعل من قبل مع قضايا الرأى العام، لا أن يتم نقله كما هو بغية اجتذاب قدر من الزيارات الإلكترونية.

وهنا يظل السؤال: هل فقد الإعلام التقليدى قدرته على صناعة القضايا الجماهيرية؟، أليس بمقدوره بامتلاكه أدوات علمية ومهنية أن يوجه «الترند»، ويصنعه بدلًا من أن يلاحقه؟. نحن بحاجة إلى إعادة دراسة السوق وفهم متطلباته الجديدة، إذا أردنا الحفاظ على بقاء هذه المهنة، لنشكل فرق عمل تتولى «صناعة الترند» واستغلال الأدوات التكنولوجية المتاحة فى يد الجميع.

قbايا سا نة

ar-eg

2023-02-04T08:00:00.0000000Z

2023-02-04T08:00:00.0000000Z

https://almasryalyoum.pressreader.com/article/281548000040638

Al Masry Al Youm