Al Masry Al Youm

أَحْسِنُوا إِلَى مُبْغِضِيكُمْ

حمدى رزق

ابتداء وانتهاء، من حقنا وإخوتنا الغضب، ومن حقهم اللجوء إلى القضاء، ولكن نُحيلهم جميعًا فى فورة الغضب إلى موعظة الجبل «أَحِبُّوا أَعْدَاءَكُمْ. بَارِكُوا لاَعِنِيكُمْ. أَحْسِنُوا إِلَى مُبْغِضِيكُمْ، وَصَلُّوا لأَجْلِ الَّذِينَ يُسِيئُونَ إِلَيْكُمْ وَيَطْرُدُونَكُمْ ، » ( متى: ‪٤٤: ٥‬ .)

قررت محكمة «جنح السلام» بالتجمع الخامس مد أجل النطق بالحكم فى قضية الدكتور «مبروك عطية» إلى جلسة ) ١٥ فبراير(، والمتهم فيها بازدراء الدين المسيحى والإسلامى، بعد تصريحاته الأخيرة التى تداولها رواد مواقع التواصل الاجتماعى، وهى عبارة عن مقطع فيديو يسخر فيه من لقب السيد المسيح، عليه السلام، حيث قال قولًا كريهًا، لا أستحسن تكراره، وأبغض تداوله.

هيئة المحكمة الموقرة مدت الأجل لأسباب، فأتاحت فرصة سانحة لإمكانية تنازل الغاضبين عن بلاغات «الازدراء» فى حق الدكتور مبروك عطية، وإذا حدث تنقضى الدعوى بإحسان، كما وصى السيد المسيح، عليه السلام.

وأتمنى على مقدم البلاغ الأساس، المستشار الصديق، «نجيب جبرائيل» التفكير جديًّا فى سحب بلاغه، ومثله أصحاب بلاغات أخرى مماثلة من محامين محترمين، اتساقًا مع الرفض الجمعى لقضايا «ازدراء الأديان»، التى كلفتنا سجن نفر من المفكرين المحترمين.

وحجتى، وأرجو أن أكون مصيبًا، مع كامل الحق فى الاختلاف والرفض، والاختلاف لا يفسد للود قضية، مقصدى ألا نحارب بنفس السلاح الذى يُستخدم ضدنا، بل ننبذه ونرفضه، ولا نستخدمه ضد المبغضين، ونبرهن على رفضنا استخدامه، ونطالب جماعة بإلغاء الفقرة «واو» من مادة الازدراء.

لا أمارى فى تكييف المستشار جبرائيل القانونى، بأن ما فاه به الدكتور مبروك يشكل جريمة ازدراء الأديان وتهديد الوحدة الوطنية وتقويض السلام الاجتماعى، المنصوص عليها فى المادة ٩٨ فقرة )واو( من قانون العقوبات.

ولا أمارى فى حقه القانونى، حقه تمامًا، ولكنه )المستشار جبرائيل( مَن يناهض الفقرة «واو»، وليضرب مثلًا برفضها.. إذا فعلها، جد يقدم خدمة جليلة لحرية التفكير والتعبير والنقد وحتى الرفض.

الغضبة المجتمعية على الدكتور «مبروك عطية» كافية تأديبًا وتهذيبًا وإصلاحًا، والغلط راكبه من ساسه لراسه، وعرف غلطه، واعتذر عن إساءته، وقد استغرب المبروك نفسه من نفسه ولوّمها، وكأنه يعاقب نفسه فيجلد ظهره ويحرق لسانه حتى يكف عن اللغو.

ما أتمناه عليكم بالتنازل الكريم، ليس بغريب على أخلاقياتنا السمحة، ومتضمن فى «موعظة الجبل»، يقول السيد المسيح، عليه السلام : « وأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: أَحِبُّوا أَعْدَاءَكُمْ » ، وعنْ رسولِ اللهَِّ، صلى الله عليه وسلم:

«وأَتْبِعِ السَّيِّئَةَ الْحسنةَ تَمْحُهَا، وخَالقِ النَّاسَ بخُلُقٍ حَسَنٍ » .

الدكتور مبروك، الذى لا أعرفه شخصيًّا، اعتذر بصدق، وتوارى عن «البث المباشر» ندمًا على ما فاه، ومعلوم أن الاعتذارات على وقتها تمحق السيئات فى حينها، وتئد فتنة، مهم الدرس، خطورة ما فاه به المبروك، ويستوجب الحذر، يفتح باب الفتنة ويستوجب إغلاقه بحكمة العقلاء )بعد الاعتذار(.

كراهيتنا لمادة الازدراء ولبلاغات الازدراء تحكم موقفنا من تحبيذ قبول الاعتذار، والمبروك باعتذاره أمام المحكمة يصحح خطأه، وخير الخطّائين التوّابون، والمسامح كريم. «وَصَلُّوا لأَجْلِ الَّذِينَ يُسِيئُونَ إِلَيْكُمْ».

المبروك باعتذاره )الإلكترونى(، وهو منشور، يوفر علينا مشقة طريق تسكنه أشباح الازدراء، التى تتسقط الشاردة والواردة لإقامة الحد القضائى، وهذا ما لا يرتضيه حقوقى يدافع عن الحريات، مجددًا مبروك عطية أَخْطَأ، « وخيرُ الخَطَّائِينَ التوّابون » .

مساحة رأى

ar-eg

2023-02-04T08:00:00.0000000Z

2023-02-04T08:00:00.0000000Z

https://almasryalyoum.pressreader.com/article/282153590429374

Al Masry Al Youm