Al Masry Al Youm

صاروخان .. «المصرى أفندى» الساخر

‪selnakkady@ gmail. com‬

قيل عن الفنان الأرمنى ألكسندر صاروخان إنه « المصرى أفندى » ، الذى جسد معاناة الاحتلال حتى أصبح فنانًا بدرجة مفكر سياسى.. وعبر خطوطه المعبرة رغم بساطتها، برع ألكسندر صاروخان فى العزف على تفاصيل الجسد البشرى؛ راصدًا الأوضاع الحركية المتباينة لمختلف الشخصيات والأعمار بن لوحات تشكيلية ورسوم كاريكاتيرية، كما أنه أحد مؤسسى الكاريكاتير السياسى الحديث فى مصر فى عشرينيات القرن الماضى؛ لتعبيره عن المجتمع ورصد معاناته اليومية فى ظل مناهضته الاحتلال الإنجليزى على لسان شخصيته الكاريكاتيرية الشهيرة « المصرى أفندى » .

كان منجز ألكسندر صاروخان الفنى بن لوحات تشكيلية ورسوم كاريكاتيرية ينمّ عن ثقافة عالية ورأى سياسى مدفوع بموقف إنسانى واضح؛ فلم يكن مجرد رسام كاريكاتير أو مصور تشخيصى بارع بل مفكر وسياسى ومدافع شرس عن حرية التعبير ومعلّم لأجيال عدة من رسامى الكاريكاتير المصرين؛ ما حجز له مكانًا فى تاريخ فن الكاريكاتير المصرى، كما عكست شخوص لوحاته التشكيلية ورسومه الكاريكاتيرية الحالات الإنسانية المتباينة، وكأنما أراد أن يكون الجسد مرآة لما تخفيه الروح؛ فبها تجد عيناك طريقهما إلى نظرة تأمل أو دمعة انكسار أو مشاعر وترقب وحذر، غير أن شخصياته الكاريكاتيرية الساخرة كانت بمثابة مرآة للحالة السياسية والاجتماعية فى عصره، ما بدا جليًا فى كتابه «هذه الحرب» الذى خطته ريشته ضد الفاشية والنازية خلال الحرب العالمية الثانية.

ألكسندر صاروخان مصور أرمينى الجذور، احترف العمل فى رسم الكاريكاتير السياسى فى الصحف المصرية منذ عشرينيات القرن الماضى، ويُعدّ واحدًا من بن ألمع رواد هذا الفن فى مصر خلال النصف الأول من القرن العشرين، بل يقال إنه مؤسس الكاريكاتير السياسى بشكله الحديث؛ إذ ظهر فى أوج نشاط الصحافة المصرية، وحفر لاسمه مكانة بارزة فى تاريخ هذا الفن، ليس برسومه الكاريكاتيرية فحسب وإنما بإسهامه فى خلق وتبنى جيل جديد من الرسامن المصرين الذين حملوا على عاتقهم لواء فن الكاريكاتير الاجتماعى السياسى؛ فضلًا عن اتجاهاته المتحررة فى اللوحات التصويرية.

ولد ألكسندر صاروخان فى قرية « أردانوش » فى ريف القوقاز، وانتقل منها إلى إسطنبول، ثم إلى فيينا عام 1922، حيث دراسته الأكاديمية للفنون بمعهد الفنون الجرافيكية.

ولعبت المصادفات دورها فى تحديد مسارات

صاروخان الفنية.. فخلال دراسته بفيينا، التقى المصرى عبدالقادر الشناوى، الذى كان يدرس الطباعة ويبحث إصدار صحيفة مصرية؛ بسبب هذا اللقاء لم تكن مصادفة أنه قدم إلى مصر فى عام 1915، حن رست فى ميناء بورسعيد المصرى ست سفن حربية تابعة للأسطول الفرنسى على البحر المتوسط، آتية من منطقة جبل موسى فى تركيا، كانت هذه السفن محمّلة بأكثر من أربعة آلاف لاجئ أرمينى قدموا إلى مصر فارين من تركيا؛ إثر المذابح التى ارتكبها الجيش العثمانى، حسبما أورد الدكتور محمد رفعت الإمام أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر فى كتابه الذى حمل عنوان « الأرمن فى مصر » .

استقر ألكسندر صاروخان فى مصر بشكل نهائى عام 1924، وعمل فى البداية كمعلم بالمدرسة الأرمينية بالقاهرة ليعبر أزمته المادية، وظل بها حتى العام 1927 ليتفرغ للنشر الصحفى والفنون بعدما التقاه محمد التابعى ليصحبه للعمل فى مجلة روزاليوسف- حديثة العهد آنذاك- قبل أن ينال الجنسية المصرية عام 1955. وجمع عبر رحلته 3 جنسيات هى: )الروسية والتركية والأصول الأرمنية(، قبل أن ينال الجنسية المصرية، التى طالما قال إنه يعتز بها كثيرًا. ولوجوده فى مصر تحت الاحتلال، وانطلاقًا من اهتمام فنانى مصر بالفن الاجتماعى والسياسى الساخر؛ ابتكر صاروخان العديد من الشخصيات الكاريكاتيرية الهزلية التى تعبر عن قضايا المجتمع؛ أبرزها الشخصية التى تقاسم فى إبداعها مع محمد التابعى وأسهم فى شهرتها لاحقًا صلاح جاهن «المصرى

شخصياته كاريكاتورية وكانت مرآه للحالة السياسية والاجتماعية فى عصره

أفندى »؛ وهى شخصية كاريكاتيرية ساخرة عبروا من خلالها عن معاناة المواطن المصرى وكفاحه ضد الاحتلال الإنجليزى.

وأبرزت شخصية « المصرى أفندى » أسلوب ألكسندر صاروخان الذى يتميز بقدرته على استيعاب روح الفكاهة المصرية فى رسومه بسهولة، معبّرًا عن قضايا وشرائح اجتماعية عدة، رغم كونه غريبًا عن المجتمع وضيفًا عليه. وعبر ابتكاره لشخصية «المصرى أفندى» كانت مجلة «روزاليوسف» التى أصدرتها فنانة المسرح بالتعاون مع محمد التابعى عام 1925 بمثابة طلقة البداية فى مسيرة صاروخان الفنية؛ ففى أعقاب ظهور رسوم ألكسندر صاروخان الكاريكاتيرية على صفحات روزاليوسف وجدت طريقها للعديد من الصحف المصرية مثل )الجديد- أخبار اليوم - الأخبار - المستقبل(.

وبانتهاء رحلته مع « روزاليوسف » ، انتقل صاروخان إلى العمل فى مجلة « آخر ساعة » ، حتى ذهبت ملكية المجلة إلى مؤسسة « أخبار اليوم»، لينتقل إلى العمل مع رائدَى الصحافة مصطفى أمن وعلى أمن، اللذين ظل يعمل معهما حتى وفاته عام 1977. إنجى عبدالوهاب

ضايا وأحدا

ar-eg

2023-06-03T07:00:00.0000000Z

2023-06-03T07:00:00.0000000Z

https://almasryalyoum.pressreader.com/article/281844353022049

Al Masry Al Youm